المؤسسات التنظيمية عند قبائل أيت عطا

      إذا كانت  قبائل أيت عطا قد اتحدت فيما بينها فكونت حلفا، وعيا منها بالمخاطر التي بإمكانها أن تتعرض لها وهي مجزأة ،و للمحافظة على مصالحها العامة والخاصة كان لا بد لها من أن تخلق مؤسسات تسهر على السير العادي للعلاقات داخل الإتحاد والتخطيط لكل الخطوات التي يجب سلوكها، وتشكل البنية السياسية الأساسية للإتحاد، وذلك كما يقول الفيلسوف الفرنسي بوسيه :"حيث يملك الكل فعل ما يشاؤون ولا يملك أحد فعل ما يشاء، وحيث لا سيد فالكل سيد وحيث الكل سيد فالكل عبيد ".

وتلك حالة لا يتصور أن تكون و إذا كانت فهي لا تدوم، إذ ينتهي الأمر إلى أن يكون الحكم للقوة ومن هناك كان لا بد للمجتمع من نظام يحكم نشاط الأفراد وما يستتبع بينهم من علاقات من خلال قواعد موضوعة يستهدي بها الأفراد ويلتزمون باحترامها وهي قواعد تهدف إلى إقامة توازن بين مختلف المصالح محققة بذالك النظام و الاستقرار و العدل في المعاملات .

وتطبيقاً لهدا المبدأ ولكي لا يؤول الإتحاد العطاوي إلى الانهيار و الاندثار لابد من وجود مؤسسات تقوم بهدا الدور، وهي أولاً مؤسسة الشيخ، الشيخ الأعلى على مستوى الإتحاد وشيخ القصر على مستوى القبيلة أو القصر شيخ الأراضي .

اولا الشيخ الأعلى  : 

أمغار من الناحية اللغوية جاءت من "إمقور" أي الكبير و العظيم ومن الناحية الاصطلاحية أو العلمية فهو الشخص الذي يترأس الإتحاد ويعتبر قمة الهرم السياسي داخل الإتحاد دون أن تكون سلطته مطلقة ويطلق عليه عدة تسميات وهي :

أمغار ن أفلا        =    الشيخ الأعلى 

أمغار ن أسكواس =     شيخ العم أو السنة 

أمغار ن توكا     =    شيخ الكلاء 

و المدة التي يمكن للشيخ أن يمكتها في منصبه مبدئيا هي سنة واحدة، إلا أنه يمكن أن تدوم أكثر من سنة وذلك في حالة الحروب أو إذا حالفه الحظ وربح الحرب مثلا ضد إحدى القبائل أو أن تنتعش الماشية بوفرة العشب و كثرة التساقطات أو غير ذلك من الظواهر الإيجابية. ويمكن أن يقع عكس ذلك بإقالته قبل متم السنة إذا كان تصرفه في غير محله أو خسر الحرب أو إذا توفي . والتاريخ الذي يتم فيه انتخاب الرئيس مبدئيا هو يوم 17 مارس الفلاحي من كل عام ، ويكون انتخابه من طرف شيوخ القبائل المنضوية تحت الإتحاد حيث يقوم الشيخ أو غيره من الأعيان المختارين بتمثيل القبيلة في الاجتماع الذي يتم انتخابه فيه.

وعملية انتخاب الشيخ تكون بالتناوب بين الأخماس المكونة للإتحاد، وهذا ما يعكس بشكل جلي وواضح الروح الديمقراطية داخل الإتحاد بحيث يتم اختيار الشيخ لمدة سنة في كل خمس على حدة و العملية تتم بشكل يضمن النزاهة و الديمقراطية في الاختيار و ذلك في التناوب بين الأخماس.

و من مهامه هي كالتالي :

• إدارة السياسة العطاوية و تدبير شؤون الإتحاد 

• تولية الدفاع عن الأراضي العطاوية 

• القيام بمهمة الاتصال مع القبائل المجاورة في ما يخص الاتفاقيات 

• التخطيط للتر حال

• السهر على تنفيذ الأحكام و تطبيق القواعد العرفية 

• قيادة المعارك أو تعيين قائد أخر (أمغار ن البارود)

ثانياً شيخ القبيلة :

فبالإضافة إلى أولئك الأعوان الذين يختارهم  الشيخ الأعلى كقنوات للاتصال بينه و بين القبائل و العشائر، يوجد أيضا شيخ القبيلة أو ما يصطلح عليه " أمغار نتمازيرت " أو "أمغار ن إرحالن " .

وينتخب شيخ الأراضي باتباع نفس المسطرة و نفس الإجراءات التي يتم بها اختيار الشيخ الأعلى، فقط أنه في هذا المستوى تقوم عشائر القبيلة مقام الأخماس داخل الإتحاد بحيث أن كل عشيرة تعطي شيخ الأراضي لمدة سنة بالتناوب مع العشائر الأخرى المكونة للقبيلة ومهام الشيخ تتلخص فيما يلي :

• حماية القبيلة و تولية الدفاع عنها .

• حماية مصالح و ممتلكات الأفراد والعائلات داخل القبيلة . 

• قيادة المقاتلين وجمعهم أثناء وجود هجوم يستهدف القبيلة .

• حفظ الحريم أي مراعي القبيلة .

• التنسيق مع الشيخ الأعلى وشيوخ القبائل الأخرى في قيادة المقاتلين أثناء المعارك .

• رعاية المصالح العامة للقبيلة كالسواقي و القنوات و الخطارات و المسجد وغيرها .

ولكي يقوم الشيخ بهذه المهام على أحسن وجه، ولمراقبته أيضا تضع كل عشيرة "إغصان" شخص على رأسها وهو أيضا الذي ينوب عن العشيرة في اختيار شيخ القبيلة وهؤلاء الأشخاص يسمون "إد باب ن أمور "

وكل هذه الإجراءات اتخذت لضمان سير وسلامة كل قبيلة على حدة، لأن القبيلة هي الأساس الذي يقوم عليه الإتحاد و اللبنة الأولى في هيكله ، فإذا سلمت القبائل سلم الإتحاد و إلا  فالعكس وارد ، وبصلاحيتها  و تماسك أفرادها يضمن الإتحاد وجوده وبقاءه و استمراريته .

ثالثا : الجماعات عند أيت عطا "أجموع ن خمس اخماس"

بعد أن تعرضنا لمهام الشيخ و كيفية و نظام انتخابه ،نتطرق إلى دراسة مؤسسة لا تنقص أهمية من الشيخ وهذه المؤسسة هي التي تشرف و تسهر على تطبيق العرف. تبرز مؤسسة الجماعة التي تتميز بطابع روحي يشد و يزيد من تماسك الاتحاد ويزيد في إعطاء طابع كنفدرالي ذو مقومات سياسية ترفع من شأن البنية الإيديولوجية و الروحية لأيت عطا. ونظريا تتكون الجماعات من جميع الرجال القادرين على حمل السلاح إلا أنها من الناحية الواقعية تختزل لتشمل فقط ممثلي الافخاد والقبائل المتحالفة.

وهذه الجماعات هي التي يتم فيها رسم سياسة الاتحاد و اتخاد جميع القرارات التي تهم قبائل أيت عطا . أما بالنسبة للعضوية في الجماعة، فمن الملاحظ أنهم يختارون على أساس السن و التجربة، و من هنا أصل اللفظ الذي أطلق عليهم "إختارن" أي الكبار، وإما يختارون على أساس ثرواتهم   .

وهذه الاجتماعات قد تكون عادية و قد تكون استثنائية ،فالعادية تنعقد مبدئيا في 17 مارس الفلاحي أما الاستثنائية فتعقد للنظر في الأمور الطارئة والقضايا التي يتم دراستها في أشغال الجماعة فهي تتخلص في :

• تنظيم الترحال واستغلال المراعي و إكدالن بالأطلس وتقسيمها بين القبائل

• تعيين الشيخ الأعلى 

• التخطيط للدخول في الحرب و الاستعداد لها ضد القبائل المجاورة سواء للدفاع أو الهجوم

• وضع وتغيير القواعد العرفية أي مهمة التشريع 

• الحسم في الخلافات بين القبائل العطاوية .